-->
قناديل الحروف قناديل الحروف

الصفحات

الشعب المحتل والانتخابات

االانتخابات الفلسطينية



 

الشعب المحتل والانتخابات

 

الشعب الفلسطيني أخر شعب في العالم ما زال حتى وقتنا هذا تحت الاحتلال، رغم الكفاح والنضال الطويل والتضحيات الجسام لم ينل حريته واستقلاله، كثيرة لا حصر لها ومعقدة الأسباب لهذا الإخفاق وليست موضوع مقالتنا، لم يسجل التاريخ الطويل والممتد لقرون من الزمن أن قام شعب محتل وتحت حراب الاحتلال بممارسة العملية الانتخابية إلا الشعب الفلسطيني ، الاستثنائي في احتلاله واتفاقياته التي أغرقته في الوهم ولم يحصد منها سوى مزيد من الاحتلال والقهر والظلم بعيداً عن حلم الحرية والدولة، نحن على أبواب الانتخابات الفلسطينية التي ستجري للمرة الثالثة منذ اتفاقية أوسلو 1994م والمزمع اجرائها في 22  مايو 2021م حسب المرسوم الرئاسي الذي أصدره الرئيس الفلسطيني " محمود عباس " في بداية العام الجاري وبتوافق وتفاهم بين حركة فتح وحركة حماس ومباركة معظم الفصائل الفلسطينية، إن هذا الاستثناء الفلسطيني الانتخابي التاريخي محصلة ونتيجة طبيعية لاتفاق أوسلو الذي وقع بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل وبموجبه أنشئت السلطة الفلسطينية في غزة والضفة الغربية واحتوى على اجراء انتخابات فلسطينية في بروتكول خاص ألحق بوثيقة الاتفاق، الشعب المحتل تواق كباقي الشعوب لممارسه حقه الدستوري واختيار ممثليه واحترام التعددية ويؤمن بالديمقراطية كمنهج حياة وبناء مستقبل الإنسان الفلسطيني الذي يستحق الحياة بكرامة في وطنه فلسطين، ولكن تبرز الأسئلة المنطقية في إشكالية وإمكانية الحالة الفلسطينية تحت الاحتلال من خلال كشف الواقع وتعقيداته بعدة أسئلة:-

 

أولاً: هل الانتخابات مدخل لإنهاء الاحتلال؟

ثانياً: هل الانتخابات طريق لإنهاء الانقسام والمصالحة الفلسطينية؟

ثالثاً: أين فلسطينيو الشتات من الانتخابات التشريعية والرئاسية؟

 

قبل الإجابة عن هذه التساؤلات المشروعة كنت قد كتبت مقالة وذلك في تاريخ 21-11-2019 على موقع " دنيا الرأي " بعنوان الشعب المحتل لا ينتخب رداً على مقالة للدكتور " غازي حمد " القيادي في حركة حماس أوضح فيها خطيئة ممارسة الانتخابات تحت الاحتلال، وقد أوضحت العديد من النقاط التي تعزز رؤية وصوابيه هذه المقالة، أكدت فيها إن المقاومة والكفاح هي الطريق الصواب وليست الانتخابات.

 

أولاً: هل الانتخابات مدخل لإنهاء الاحتلال؟

يستميت فريق سلطة أوسلو المؤمن بالتسوية والمفاوضات في الدفاع عن انتخابات التشريعي والرئاسة، ويعتبرها شكل من أشكال النضال الوطني وطريقة للاشتباك مع الاحتلال في معركة الاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية، متسلحين بدعم المجتمع الدولي والشرعية الدولية، واستجابة لطلب وحاجة دولية وإقليمية في تجديد الشريعة الفلسطينية وتوحيد القرار الفلسطيني الشرعي، اليوم هذا الفريق يبرهن على صدق رؤيته ويدعم قناعاته بالضغط على إسرائيل للسماح لأهل القدس العربية بالمشاركة في انتخابات المجلس التشريعي ويعتبر الرفض الإسرائيلي لإجراء الانتخابات بالقدس معركة سيادة ومحطة نضالية حاسمة حول القدس الشرقية العاصمة الأبدية للدولة الفلسطينية، ويهددون بتأجيل أو إلغاء الانتخابات بحالة استمرار الرفض والتعنت الصهيوني، ويطلب من المجتمع الدولي ممارسة الضغط على إسرائيل التي تنتهج التسويف والتلكؤ لقبض الثمن السياسي وفشل حزب الليكود بزعامة " نتنياهو "حتى اللحظة بتشكيل حكومية صهيونية، يؤمن هذا الفريق بأن الشعب المحتل والانتخابات حلقة كفاحية مركزية في الصراع الطويل على الأرض والسيادة، أيام قليلة تفصلنا عن شروق شمس الحقيقة هل ستجرى الانتخابات الفلسطينية في موعدها المحدد وبمشاركة القدس العربية؟ أو ستأجل أو تلغى الانتخابات؟ أو سيكون هناك حلول وسط مطاطية للسلطة الفلسطينية وإسرائيل بمساعدة الوسطاء وأمريكا والمجتمع الدولي والاقليم، الأيام حبلى بالإجابات المحددة عن هذه الأسئلة المشروعة.

 

ثانياً: هل الانتخابات طريق لإنهاء الانقسام والمصالحة الفلسطينية؟

تنقسم الإجابة عن هذا التساؤل المنطقي إلى وجهتي نظر وفق البرامج والرؤية السياسية والاستراتيجية والقناعات الفكرية على النحو التالي: -

1-وجهة نظر المنخرطين والمؤيدين لإجراء الانتخابات الفلسطينية التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني، إن الانتخابات وما تفرزه من نتائج وتمثيل للفصائل والقوى وما يترتب عليها من تشكيل حكومة وحدة وطنية جامعة حسب اتفاق الفصائل الأخير في اجتماعات القاهرة الذي عقد في مارس 2021م. وموافقة حركتي فتح وحماس على البيان الختامي الذي ركز على تشكيل حكومة الوحدة الوطنية والشراكة السياسية بالتفاهمات والحوار البناء كمدخل عملي وميداني لتوحيد القرار والمؤسسات الفلسطينية الرسمية، وإنهاء الانقسام الفلسطيني البغيض الذي عبث بالساحة الفلسطينية وتجاوز آثاره الكارثية وتجسيد المصالحة الوطنية الفلسطينية عبر بوابة الحكومة الموحدة والشراكة في صنع القرار.

2- المعارضين لمنهج الانتخابات الفلسطينية والمؤمنين بأن الشعب المحتل ليس لديه فائض وقت لإضاعته  في وعبث الانتخاب ويتزعم هذا التيار فصائلياً " حركة الجهاد الإسلامي " التي ترفض من حيث المبدأ المشاركة في انتخابات تحت الاحتلال وتعتبرها في سياق المؤامرات والخطط لتصفية القضية الفلسطينية، ومشروع خبيث لجر وزج كل الفصائل والقوي الفلسطينية إلى وحل ومربع أوسلو، تؤمن بالمقاومة بكافة أشكالها كطريق وحيد لتحرير فلسطين، وترى إن إنهاء الانقسام وتجسيد الوحدة والمصالحة ضرورة فلسطينية يجب القيام بها قبل وبعيداً عن الهرطقة والخطيئة الانتخابية، وتدعو للاتفاق على استراتيجية وطنية تقوم على مبدأ المقاومة والتحلل من اتفاقية أوسلو الكارثي بما يعزز الصمود ويبث الأمل والروح الوطنية في الشعب المحتل. وتطالب بإصلاح منظمة التحرير الفلسطيني لتكون ممثل شامل وشرعي وجامع للشعب الفلسطيني، ويلتقي مع هذه الوجهة تيارات واسعة من الشعب الفلسطيني من عامة الناس وداخل التنظيمات أنفسها والأطر والفعاليات المجتمعية والثقافية ويبرز تأثيرها وحجم المؤيدين لها بين فلسطينيو الشتات بالمخيمات والجاليات والتجمعات والنقابات والهيئات الأهلية.

 

  ثالثاً: أين فلسطينيو الشتات من الانتخابات التشريعية والرئاسية؟

منذ أيام النكبة الفلسطينية 1948م وأكثر من نصف الشعب الفلسطيني يعيش بالشتات وخارج فلسطين في مخيمات اللاجئين بالأردن ولبنان وسوريا وجاليات وتجمعات وأفراد في باقي دول العالم، لم يبخلوا في مسيرة الثورة الفلسطينية عن النضال والعطاء وقدموا الغالي والنفيس لتحقيق حلم الحرية وحق العودة إلى ديارهم ووطنهم، ولم ينكسر بداخلهم الأمل وجذوة الثورة والإيمان بالحق المقدس، ورغم تشكيل السلطة الفلسطينية بالأراضي الفلسطينية لم تتحسن أحوال اللاجئين بل زادت سوء في ظل ضعف وتراجع أداء كيانهم المعنوي ممثلهم منظمة التحرير الفلسطينية لحساب السلطة الناشئة وما ترتب ونتج عن هذا الضعف من تهميش وانتشار اليأس والشعور بالتخلي عنهم وغياب الأفق التحرري والنضالي الحقيقي لتحقيق حلم العودة، إضافة إلى المخططات المنهجية التي تتمثل بالتقليصات والضغوطات التي تمارسها الأونروا عليهم إلى جانب ضغوطات الدول المستضيفة لهم، إن عدم مشاركتهم في اختيار ممثليهم بالمجلس التشريعي أو اختيار رئيسهم يزرع الإحباط والشك وعدم الثقة بالنظام السياسي الفلسطيني والفصائل الوطنية والإسلامية مهما كانت قوة التبريرات وحججها الواهية، هذا لا يساعد على تجسيد وحدة الفلسطينيين في كافة أماكن تواجدهم، إن ترك المجال إلى فلسطينيو الشتات بالتصويت للمجلس الوطني الفلسطيني فقط لا يمحي الغضب والاحتجاج والرفض للانتخابات بشكل عام، ولا يلبي الحاجة للمساواة وعدم الشعور بالتفرقة، عدا عن ادرك الجميع صعوبة وربما استحالة تحقيق انتخابات المجلس الوطني والبديل جاهز د وتم الاتفاق على آلياته وتفاصيله وسيكون التعيين والتقسيم والمحاصصة بين الفصائل على عضوية المجلس الوطني هي المخرج لصعوبة الانتخاب.

الخلاصة: -

إن الشعب المحتل والانتخابات العلاقة جدلية عكسية ولا يجب إحضار العربة قبل الحصان والطبيعي والأصل ان يقاوم الشعب المحتل عدوه ومحتل وطنه بكافة الوسائل والأساليب لتحقيق النصر والاستقلال وهزيمته وطرده من أرضه، وليس القول إن الشعب المحتل والانتخابات العلاقة بينهما طردية وطريق للنضال والكفاح، أثبتت تجارب الانتخابات الفلسطينية السابقة إن نتائجها سلبية وكارثية على الشعب المحتل ولم تحقق الاستقلال والدولة الفلسطينية، بل ابتعدت كثيراً عن هذه الأحلام وغرست الانقسام الفلسطيني الداخلي والعداء بين أبناء الشعب الواحد، ونسجت اليأس والإحباط وغياب الأمل لدى غالبية الشعب الفلسطيني في تحقيق آماله بالتحرر، والأصل أن تجتمع الفصائل والقوى وكل مكونات الشعب الفلسطيني على استراتيجية وطنية جوهرها كيف نحرر الوطن وننجز عملية الاستقلال الوطني وبناء الدولة الفلسطينية على كامل التراب الفلسطيني بالمقاومة بكافة أشكالها ووسائلها المتنوعة.

مواضيع ذات صلة /

https://gandelalhoref.blogspot.com/2021/04/blog-post_27.html


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

قناديل الحروف

2016