-->
قناديل الحروف قناديل الحروف

الصفحات

إيران وإسرائيل من الحرب الخفية للعلنية


حرب إيران وإسرائيل


 إيران وإسرائيل من الحرب الخفية للعلنية


يشتعل الصراع الإقليمي بين إيران وإسرائيل في منطقة الشرق الأوسط من ألسنة اللهب المتصاعد من منشأة "نطنز" النووية الإيرانية التي تعرضت لحادث تخريبي دمر كامل نظام الطاقة الداخلي المستقل الذي يغذي أجهزة الطرد في المنشأة، وسارعت إيران باتهام إسرائيل وجهازها الاستخباري "الموساد" بالوقوف وراء هذا العمل العدواني وتعهدت بالرد على لسان وزير خارجيتها "جواد ظريف" والانتقام من المسؤولين عنه، تتدحرج الحرب الخفية للعلنية بكرة منتفخة بالنار والعنف وقد تنفجر براكين الغضب في مواجهة عسكرية وأمنية علنية ومفتوحة تأكل معها الأخضر واليابس، رغم إدراك الطرفين لخطورة التصعيد واللعب بالنار إلا إن الأمور قد تفلت من عقالها المسيطر عليه بحسابات دقيقة. هذا وقد أشارت وسائل الاعلام الإسرائيلية من تخوف حقيقي من الرد الإيراني، وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" قد نقلت عن مسؤولين بالاستخبارات إن حادث "نطنز" عمل استخباري مخطط ومدبر وتمكن من تعطيل الموقع إلى أشهر طويلة وشل قدرته على إنتاج اليورانيوم المخصب. إن إيران وإسرائيل في الحرب الخفية منذ سنوات يديرون هذه الحرب ضمن ضوابط ومحددات وحسابات دقيقة ولكنها تصاعدت بشكل حاد في السنتين الأخيرتين على طريق التحول من الحرب الخفية للعلنية والمواجهة المباشرة، وبدأت تأخذ أشكالا مختلفة وأساليب متنوعة وأكثر حدة وخطورة  وامتدت لتشمل البحار بعد أن كانت محصورة بالبر والجو وتكثفت وتعمقت بالداخل الإيراني في محاولة من إسرائيل لتعطيل البرنامج النووي الذي تعتبره يشكل تهديداً لوجودها في ظل إعلان الإيرانيين منذ نجاح ثورتهم إن هدفهم محو إسرائيل وتحرير المسجد الأقصى وكل فلسطين، وقد صرح وألمح نتنياهو إلى حصول إسرائيل على ألاف الوثائق السرية عن البرنامج النووي الإيراني من داخل إيران في إشارة واضحة إلى الاختراق الإسرائيلي للداخل الإيراني، وسنتحدث عنه بشيء من التفصيل بالساحة الإيرانية، قبل الخوض في إمكانية تحول الصراع بين إيران وإسرائيل من الحرب الخفية للعلنية دعونا نستذكر بعض محطات وجبهات الحرب الخفية بين الطرفين في السنوات الماضية:-

 

أولاً: الساحة السورية

 

منذ اندلاع الأزمة السورية في عام 2011م نفذت إسرائيل مئات الهجمات الجوية الصاروخية ضد أهداف عسكرية وعلمية سورية ومواقع مشتركة مع الإيرانيين وحزب الله والحلفاء، واستهدفت العديد من القوافل التي تنقل السلاح الإيراني لحزب الله عبر الأراضي العراقية والسورية أو رداً على إطلاق قذائف من سوريا باتجاه الجولان المحتل وقد نتج عنها سقوط الكثير من الشهداء السوريين والإيرانيين والحلفاء، واستباحت الأجواء السورية حتى وقتنا هذا دون رادع أو خوف، وقد تدخل هذه العمليات العسكرية ضمن الحرب العلنية، ولكن الكثير من الحوادث السرية الغامضة التي استهدفت تصفية العلماء السوريين وقادة الحرس الثوري الإيراني وقادة حزب الله الشهيدين "جهاد مغنية وسمير القنطار" وغيرهم من الشهداء، وقد تم توجيه الاتهام إلى إسرائيل بالوقوف خلفها وظل الصمت سيد الموقف، إنها حرب خفية علنية في سياق الصراع بين محور المقاومة والتحالف الصهيوني-الأمريكي- الرجعي العربي، الساحة السورية تحتل أهمية كبيرة في الصراع الإقليمي لموقعها الجغرافي على حدود الكيان الصهيوني واعتبارها ممراً أمناً بين إيران وحليفه الأقوى بالمنطقة حزب الله في لبنان لنقل الأسلحة والمعدات والدعم لإنتاج الصواريخ الدقيقة التي تشكل خطراً جدياً على وجود إسرائيل، ولن تتوقف المواجهة الخفية والعلنية في هذه الساحة الحيوية.

 

ثانياً: الداخل الإيراني

 

بعد فشل إسرائيل في منع توقيع الاتفاق النووي بين إيران والمجتمع الدولي في عهد الرئيس الأميركي "بارك أوباما" انتهجت سياسية الاعتماد على النفس وجندت أجهزتها الاستخبارية وعلى رأسها "الموساد" لإحباط وتخريب وتعطيل وصول إيران إلى التكنولوجيا النووية، واعتبرت هذه الاستراتيجية دفاعية وجودية وفرت لها كل الطاقات وأسباب النجاح، ونقلت الحرب الخفية إلى الداخل الإيراني مستهدفة العلماء والمختصين بالبرنامج بالاغتيال والتصفية، وتسللت لعمق المحطات النووية السرية الحساسة، ونسرد أهم العمليات القذرة التي قامت بها إسرائيل وأذرعتها الأمنية على هذا الصعيد:-   

1-اغتيال عالم فيزياء الجسيمات "مسعود علي محمدي" أستاذ بجامعة طهران خارج منزله بالعاصمة في انفجار دراجة نارية مفخخة وذلك في يناير 2010م

2-اغتيال العالم "مجيد شهرياري" مسؤول كبير ورئيسي بالبرنامج النووي وإصابة عالم أخر بجروح خطيرة

3-تم اغتيال أربعة علماء يعملون في البرنامج الايراني واصابة خامس بطهران ما بين عامي 2010 إلى 2012م.

4-اغتيل العالم البارز "محسن فخري زاده" بهجوم استهدف موكبه بالعاصمة طهران في نوفمبر 2020م

5-أعلنت طهران عن انفجار وحريق وقع في منشأة نطنز في يوليو 2020م

6-الحادثة الأخيرة في منشأة نطنز التي حدثت قبل أيام قليلة

-كل هذه الاغتيالات والعمليات وجهت إيران أصابع الاتهام إلى إسرائيل وأمريكا بتنفيذها، وأعلنت في العديد من المرات عن تفكيك واعتقال شبكات من العملاء والجواسيس الذين يعلمون لصالح إسرائيل بالداخل الإيراني، بالإضافة إلى الاغتيالات المذكورة أعلاه تجلت الحرب الخفية داخل إيران بأشكال مختلفة وسنذكر بعض منها لأهميتها: -

-إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو" تمكن استخباراته من الحصول على ألاف الوثائق السرية عن البرامج النووية الإيرانية من داخل إيران في عمليات معقدة شارك فيها أكثر من مئة عنصر، وقد شكل الإعلان صدمة للإيرانيين كيف ومتي تم الاختراق للمراكز السرية المحصنة؟

- اعترفت إيران بتعرضها إلى العديد من الهجمات السي برانية التي استهدفت منشأتها النووية وأحدثت أعطال وتخريب في أجهزة الطرد المركزي لتخصيب اليورانيوم

-على صعيد العمليات العسكرية في نوفمبر 2011 أدى انفجار في مخزن أسلحة تابع للحرس الثوري الإيراني بضواحي طهران إلى مقتل 36 عسكرياً إيرانياً.

-إن حرب الاستخبارات بين الطرفين حادة ومستمرة بوتيرة تصاعدية قد تنقل الصراع من الحرب الخفية إلى العلنية ويكون الصدام المباشر نتيجة طبيعية للتصعيد والذي قد يجر المنطقة إلى مزيد من الصراعات والدمار والويلات، رغم إنهما يديران المعركة بحسابات دقيقة وخطوات محسوبة قد لا تؤدي إلى المواجهة العلنية، إيران تسعى لرفع العقوبات الاقتصادية الأميركية عنها والعودة إلى الاتفاق ا"خمسة+1" الذى وقعه وزير الخارجية الأميركي الأسبق "جون كيري" مع الأوربيين والصين وروسيا، وإسرائيل من جانبها تسعى لإنهاء هذا الاتفاق وإلغائه نهائياً متحفزة بقرارات الرئيس السابق وإدارته وتحاول توريط إدارة بادين بالصراع مع إيران وليس معاودة المفاوضات معها وتعمل على إفشال مساعي إيران برفع العقوبات والعودة بقوة للمجتمع الدولي.

 

 ثالثاً: البحار

 

توسعت دائرة الحرب الخفية وامتد لهب النار بين إيران وإسرائيل ليشمل المجال البحري منذ بداية العام الجاري اتسعت حقول المعركة، وفي البحار أصبحت السفن التجارية على الأقل أهداف عسكرية للطرفين لتحقيق مصالح اقتصادية وعسكرية وتبادلوا تنفيذ العمليات السرية والتهم المتبادلة دون اعتراف أي طرف مسؤوليته عن التنفيذ، وهذ يصب في خانة التصعيد والتحول النوعي بالمواجهة بينهما الذي قد يعجل بالحرب العلنية ويكسر قواعد الاشتباك المحسوبة ونسرد بعض من ملامح المواجهات: -

1-صرح مسؤولون أميركيون وإقليميون بأن إسرائيل استهدفت عشرات من ناقلات النفط الإيرانية بالبحر الأحمر المتجهة لسوريا ضمن الحرب الاقتصادية ولحرمان حزب الله من التمويل الإيراني والدعم التقني،

2-في فبراير 2021م تعرضت ناقلة بحرية إسرائيلية لهجوم بلغم بحري في خليج عمان وعلى خلفية الحادث قصفت إسرائيل مواقع سورية وإيرانية في سوريا.

3-في شهر مارس أعلنت إيران إصابة سفينة حاويات بالبحر الأبيض المتوسط واتهمت إسرائيل بالتنفيذ. 

4-في 25 مارس 2021م إصابة سفينة مسجلة في إسرائيل بصاروخ إيراني في بحر العرب.

5-في 6 ابريل الجاري إصابة سفينة "ساويز" الإيرانية بلغم بحري في البحر الأحمر.

6-في 13 إبريل الجاري إصابة سفينة تجارية مملوكة لإسرائيلي بالخليج.

إن الحرب الخفية بين إيران وإسرائيل قد تتحول إلى العلنية، وقد تعجل الحادثة الأخيرة بمنشأة "نطنز" والعمليات العسكرية والأمنية في البحار إلى المعركة العلنية المكشوفة على كل الجبهات البرية والجوية والبحرية وانخراط كل الأطراف والحلفاء بالمواجهة، وتكون الأراضي والمياه العربية ساحة لتصفية الحسابات وتقاسم النفوذ والقوة بين إيران وإسرائيل على حساب الدول العربية وأمنها ومستقبل شعوبها، التي قد تدفع ثمن هذا الصراع والتنافس الإقليمي على المصالح والنفوذ وتكوي بويلات الحرب والدمار دون أن يكون لها ناقة أو جمل بالصراع الدائر، لتنزف مواردها وأمنها نتيجة لضعفها وتفريطها بحقوقها وقبولها بأن تكون أدوات للسياسية الأميركية الامبريالية والصهيونية العنصرية التي تمكنت من النجاح في التطبيع المجاني مع العديد من الدول العربية وتحديداً الخليجية في اصطفاف وتحالف يستفز إيران الجارة، إن اقتراب إسرائيل من إيران بالخليج العربي، يضعهما وجهاً لوجه في لعبة التقاسم والتصادم، وبكلا الأمرين الخاسر الوحيد العرب والخليجيين على وجه خاص سيدفعون ثمن التقاسم أو التصادم.

مواضيع ذات صلة / 

https://gandelalhoref.blogspot.com/2021/04/blog-post_19.html

 

 


التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

قناديل الحروف

2016