-->
قناديل الحروف قناديل الحروف

الصفحات

خَلف المِرآة


خَلف المِرآة


خَلف المِرآة 

الكاتبة / أماني البريهي


كُل شَيء مُبهم حَتى وُجودها كَالسراب، هِي تَرى الجَميع مَلامحها حَقيقيةٌ لكن لا أحَد يَستطيعُ لمَسها، كأنَّ رُوحها مُقيدة فِي عَالمٍ آخَر، ما تَبقى مِنها فِي هَذا العَالم سِوى نصفُ مَلامح بَاهتةٌ، عَليك بمسحِ المرآةِ جيدًا كَي تَرى الحَقيقة.
استَيقظتْ بفزعٍ تُحاول أن تَستوعب أينَ هِي؟
لمْ تَنم البَارحة هُنا، مَا الذي أتَى بِها إلى هَذا المَكان؟
كَيف لِصوتُها ألا يَصل لأحَد، تَتحسسُ وَجهها فلا تَحسُ شيئًا كأنَّهُ فَراغ، هِي على قَيدِ الحَياةِ لكنّها لا تشعرُ بِذلك، مَرتْ سَاعاتٌ وهِي على الحَائطِ، لا تَتحرك تَنتظرُ أن يَمر أحَدهم ليَنقذهَا مِن هُنا.
_أنا هُنا هَل تراني؟
لا أحَد يُجيب فَتنهار مُجددًا، يَمر الجَميع أمَامها لا أحد يَسمع صَوت نِدائها، تَصمتُ لتُفكر بعُمقٍ ثُمَّ تَتأمل الحَائط "المِرآة" كِيف لهَا ألا تُفكر بِهذا، تَتأمل مَلامحها عَلى المرآةِ فَتنصدمُ، كأنَّها انعكاسٌ للمِرآة، مُجرد صَورة فَقط تَرجمّتها المِرآة، مَلامحٌ لا رَوح لهَا مُجرد انِعكاس صُورة.
تَتأمل انَعكاسها ذَات الثَبات مُنذ سَاعات طَويلة، تَرى من المرآةِ تَحركاتها لكنّها لم تَفعل أيُّ شَيء، مُجددًا يَمر أَحد مِن هُنا لكِن هذهِ المَرة لمْ تُحاول أن تَركض نَحوهُ، هِي مُجرد انِعكاس الآن فَلا حَقيقة لوُجودها، يَقتربُ منّها فَتنبضُ بقوةٍ تَشعرُ أنَّ أَحدهم يراها ثُمَّ يَتخطاهَا كأنَّها شيءٌ لمْ يَكن، نَحو المِرآة يَبتسمُ لتلكَ الرَوح التِي تَشبه مَلامحها، يَتحدث مَعها فَتغادر تلكَ الرُوح المِرآة مَاسكةٌ بِيّده وتُطلق ابِتسامتُها، ثُمَّ تَشعر بأنَّها تَتلاشى لم يَبقى مِنّها سِوى الأثر.
تُحاول أن تَصل إلى المرآةِ، أن تَصبح الحَقيّقة ومَن غَادرتْ هِي الانِعكاس، لكنها لا تَستطيّع فَتنكسر المِرآة إلى أشلاءٍ، تَجمع بَعضها فَترى مَلامحها غَريبة، تَنجرح يَدها بأحدي الأجَزاء المَتروكَة على الأَرضِ، فَتتلاشى جَميع الأَجزاء تصبحُ رمادًا، وتَهبُ ريحًا قَويةً فجأةً فَتختفِي.
تَستيقظُ مَفزوعةٌ بَعد نَومها ببضعِ دَقائق، تَتحسس مَلامحها تهتفُ "بالحَمدللّٰه" كَان كابوسًا سَيئًا، ثُمَّ تَنهضُ من على سَريرها، تبحثُ عن المرآةِ، فَتجدها مُبعثرة على الأرضِ وأحَدهم يَقوم بِجمعها، تَركضُ مُسرعةً نَحو غُرفتها، تغمضُ عَينيّها بقوةٍ ثُمَّ تُحاول أن تَنام مُجددًا.

 


الكاتبة /  أمَاني البُريهي

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

قناديل الحروف

2016