-->
قناديل الحروف قناديل الحروف

الصفحات

هل عادت مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة؟


هل عادت مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة؟


هل عادت مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة؟

الدور المصري في وقف العدوان الإسرائيلي على غزة

نجحت جهود مصر في إيقاف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني وبخاصة في قطاع غزة، وبرز دورها في تثبيت وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة وإسرائيل بعد مرور عدة أيام على انتهاء معركة سيف القدس، في دلالات واضحة إن مصر عادت لتلعب دورها الطبيعي التاريخي بالمنطقة، وترغب بالاستثمار السياسي في خطوات عملية تعيد مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة الساخنة، وتكون قد عادت إلى مكانتها المحورية عبر بوابة القضية الفلسطينية جوهر الصراع العربي الإسرائيلي، ونجح الدور المصري بالوساطة بين حماس وإسرائيل في إيقاف الحرب بعد 11 يوماً من القصف المتبادل، وقبل وقف العدوان بيومين أمر الرئيس عبد الفتاح السيسي  بفتح معبر رفح لنقل الجرحى والمصابين إلى المستشفيات المصرية، واستقبل وعالج مستشفى مدينة العريش العديد منهم، ثم أعلن عن تخصيص مبلغ 500 مليون دولار لإعادة الاعمار للبنية التحتية والمباني التي دمرت أثناء حرب غزة، وأرسل المساعدات  الطبية والعينية للقطاع، الدور المصري بالفعل الدبلوماسي والميداني يؤشر إن مصر عادت تدريجياً لموقعها الإقليمي من بوابة غزة، وفرضت القاهرة حضورها في المنطقة ومن جغرافيا حدودها مع غزة عاد ارتباط مصر بقضية فلسطين، وأحيت دورها الإقليمي والدولي مما حدا برئيس الولايات المتحدة الأميركية "جو بايدن" للاتصال الأول بالرئيس السيسي بعد ستة شهور منذ انتخابه وقد فوضه ومنحه الضوء الأخضر لإتمام هدنة بين الطرفين، ووصل وزير خارجيه أمريكا بلينكن إلى المنطقة وزار رام الله وتل أبيب وتوقف بالقاهرة لتقديم الشكر، إن موقف واشنطن تغير من نظرة التهميش والنقد إلى مواقف الدعم والتنسيق مع المصريين لحل قضايا المنطقة الشائكة.

علاقة مصر مع حماس والفصائل والسلطة الفلسطينية
إن مصر عادت لتلعب دورا في المشهد العربي من بوابة غزة مستفيدة من علاقتها وتأثيرها على الفصائل الفلسطينية، إنها أعادت العلاقات مع حركة حماس من زاوية الضرورة لحفظ الأمن في سيناء رغم اختلافها معها حول الاخوان المسلمين الذي تبرأت منهم الحركة، أن زيارات وتحركات وفود المخابرات المصرية بعد الحرب لم تغادر القطاع إلا للتفاوض مع الاحتلال على التهدئة أو هدنة طويلة الأجل، وقد تكللت الجهود اليوم بزيارة وزير المخابرات المصري اللواء عباس كامل إلى رئيس السلطة أبو مازن وإسرائيل وحماس والفصائل بغزة الذي أجرى مع قيادتها محادثات مطولة حول المصالحة السياسية والتهدئة وإعادة الاعمار وصفقة تبادل أسرى، وقد سبق وصوله تعليق شعار تحيا مصر وصور الرئيس المصري في كل ميادين غزة وانطلاق المسيرات المؤيدة والشاكرة لمصر العربية على مواقفها الداعمة للشعب الفلسطيني، إن القيادة المصرية ترتبط بعلاقات وثيقة مع السلطة الفلسطينية في رام الله، ويحظى الرئيس محمود عباس بتقدير كبير من المصريين، الذين على تواصل وتنسيق دائم معه ومع كل الفلسطينيين، لمواجهة الأزمات المتمثلة بالاعتداءات الإسرائيلية والانقسام الفلسطيني والمصالحة والتسوية السياسية، إن مصر لها موقع إقليمي يؤهلها لاستعادة مكانتها على صعيد الساحة الإقليمية  والدولية للضغط على  إسرائيل، ولجم عدوانها على القدس الشرقية وغزة والضفة الغربية، والرضوخ للحقوق الفلسطينية العادلة في إقامة الدولة على حدود الأرض الفلسطينية المحتلة عام 1967م.

مصر تسعي إلى التسوية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين
 
عادت قضية فلسطين بقوة من جديد لتحتل مركز الأحداث وعنوانين الأخبار والاهتمام الدولي بسبب الصمود والمقاومة العسكرية الباسلة التي حققت انتصار تاريخي وقربت حلم التحرير والعودة، هذه التطورات جعلت دول العالم تولي أهمية كبرى للدور المصري في تهيئة المناخ لإنهاء العنف والاحتلال الصهيوني وتؤيد أن تكون مصر دولة إقليمية رائدة في شرق المتوسط وشمال أفريقيا، وذلك من خلال العمل الذي قامت به في التوصل إلى هدنة بين الاحتلال وغزة المقاومة اعتماداً على علاقات خارجية ودبلوماسية نشطة من القيادة المصرية، من جانب آخر حان الوقت للبحث عن حل دائم وشامل يتوافق مع حجم قضية الفلسطينيين ويؤدي إلى استعادة الحقوق الكاملة تحت الرعاية المصرية والمجتمع الدولي، وإن الحديث عن التوصل إلى  الهدنة طويلة الأمد بداية تنفيذ مشروع التسوية السياسية بين إسرائيل والفلسطينيين، وقد بدأت  معالم الحل السياسي في الظهور من خلال التحركات المصرية بين أطراف الصراع، وبحسب صحيفة معاريف وإذاعة الجيش إن المبادرة التي قدمها المصريين إلى الحكومة الإسرائيلية حول تبادل صفقة أسرى مع حماس، أثناء اللقاء الذي عقد أمس الأحد في تل أبيب بين الجانبين، حيث تعتبر مصر إن قضية الأسرى هي مفتاح لكافة القضايا العالقة، ومدخل رئيسي لرفع الحصار عن غزة وقاعدة أساسية لبناء الثقة وتفكيك العقبات في سياق التسوية السياسية ، وجمهورية مصر العربية قادرة على التدخل وحل الكثير من القضايا في منطقة الشرق الأوسط، والقيام بدور فعال لحل الأزمة في سوريا، انطلاقاً من الموقف المتوازن مع كل الأطراف هناك، شرط استمرارها بممارسة دورها السياسي الدبلوماسي الفعال القوي في حل القضية الفلسطينية.

معيقات عودة مصر لموقعها الإقليمي

إن دور مصر الإقليمي الذي تراجع كثيراً بالسنوات السابقة نتيجة الأزمات والمشكلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية الت عصفت بها، وأدت لغياب وتغيب حضورها المؤثر عن المسرح الإقليمي وأغرقها في أزمات داخلية وخارجية كبيرة، إن استثناء الاحتلال الإسرائيلي السرطاني لفلسطين من المعيقات، لاعتبارات أنه العائق الأكبر والأخطر على عودة مصر لموقعها الإقليمي رغم الاتفاقيات الموقعة بينهما، ولأننا تحدثنا عن العلاقة في عنوان مصر تسعى إلى التسوية بين إسرائيل والفلسطينيين.

أهم المعيقات والتحديات التي تواجه مصر في العودة لموقعها الإقليمي
  
- الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية
إن العقود الأخيرة في تاريخ مصر الحديث، شهدت تطورات نوعية وكيفية أبرزها خروجها من معادلة الصراع العربي الإسرائيلي بتوقيعها لاتفاقية كامب ديفيد 1979 مع إسرائيل، والتحول من الاقتصاد الاشتراكي المختلط إلى تبني اقتصاد السوق الحر، الذي أدي إلى انخفاض الإنتاجية وارتفاع نسبة البطالة والفقر، واتباع نهج الخصخصة الاقتصادية العشوائية التي دمرت الاقتصاد المصري المستقل، وأصبح رأس المال الخارجي والداخلي يتحكم في سياسات الدولة المصرية على كل المستويات، والذي أثر سلباً على برامج ومشاريع التنمية المستدامة، مما خلق الفجوات الواسعة في البنية الاجتماعية للمجتمع المصري، وأنتج العديد والمزيد من تراكم المشكلات الاجتماعية النوعية والكمية في صفوف الشعب المصري، التي أسست إلى كثير من الاحتجاجات ضد الحكومة، وتوجت بثورة 25 يناير 2011 التي عبرت عن غضب المصريين من أوضاعهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية.

- الإرهاب في سيناء
لعب تنظيم القاعدة دوراً بارزاً في نشر الفكر المتطرف في شبه جزيرة سيناء، وقام بتنفيذ العديد من العمليات الإرهابية التي أرهقت الحكومة المصرية وأجهزتها الأمنية، وساهمت في إضعاف واهتزاز صورة مصر عربياً وإقليمياً ودولياً، واستمر استنزاف الجيش المصري في سيناء على يد المجموعات التكفيرية التي ولدت من رحم تنظيم القاعدة، وما زالت تنشر الموت والفوضى في خاصرة مصر وبوابتها الشمالية سيناء.

- فوضى الجوار الليبي
بعد سقوط نظام حكم العقيد معمر القذافي وإعدامه في طرابلس، عمت الفوضى الخلاقة والاقتتال والدمار كل ليبيا، وبدلاً من بناء الوطن بوعود الحرية والديمقراطية والسلام، انتشرت الخلافات والصراعات القبلية والحزبية والمناطقية الأراضي الليبية، وأمام هذا المشهد المأساوي وقعت مصر بطريقة أو أخري في الوحل الليبي ضمن سياق التحالفات العربية والأجندات الدولية، وبحكم الجوار للجغرافيا الليبية ومصالحها الأمنية والسياسية والاقتصادية انخرطت الحكومة المصرية بالفوضى، التي أثرت وساهمت إلى تشويش صورة مصر العربية التاريخية، وأدت إلى التقليل من الحجم والدور المصري في المنطقة والإقليم والعالم.

- سد النهضة في إثيوبيا    
 أخرما كان يحلم به المصريين، أن تتجرأ دولة إثيوبيا على الأمن القومي المصري، وأن تتحدى مصر بهذه الطريقة والشكل المستفز، جاءت أزمة سد النهضة في إثيوبيا لتكشف إن مصر فقدت زعامتها السابقة لإفريقيا، وخسرت هيبتها الإفريقية والإقليمية والدولية، وتعرت الحقيقة أمام الإصرار المتحدي الإثيوبي على بناء سد النهضة، والانتهاء من بنائه وملئه بالمياه تحت أنظار وتوسلات وتهديدات مصر والسودان، رغم ما يمثله سد النهضة في إثيوبيا من خطر أمني استراتيجي وجودي حقيقي على مستقبل المصريين، الذين يحاولون سياسياً ودبلوماسياً التفاوض مع إثيوبيا بشأن سد النهضة الذي أصبح واقعاً يهدد أمن مصر المائي والغذائي، حتى إن الرئيس عبد الفتاح السيسي حذر إثيوبيا من خطورة بناء سد النهضة، ولكن تحذيره لم يجد صدى عند الإثيوبيين أو الجوار الإفريقي والعالم، وفشلت الجهود المصرية في تعطيل المشروع أو التخفيف من آثاره الكارثية بسبب التعنت والرفض الإثيوبي، الذي نفذ مشروع السد ضمن مخططات وأجندات خارجية، يبدو أن لإسرائيل دور محوري فعال في التخطيط والإشراف على بناء السد، بتمويل عربي خليجي تحت عباءة الاستثمار في المشاريع العملاقة، ويهدف سد النهضة الإثيوبي لخنق مصر استراتيجياً.

كيف تعود مصر لموقعها الإقليمي
هذه المعيقات وغيرها تعرقل الجهود المصرية لأخذ مكانتها الطبيعية والمحورية في الإقليم، وإن عادت مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة، فهي عودة لا تكفي طالما هذه المعيقات لم تجد حلاً مصرياً قوياً ينطلق من مغادرة التبعية العمياء لإسرائيل ودويلات الخليج والحلف الأميركي، وأن تتصف الأقوال والأفعال المصرية بالصرامة والحزم في مواجهة كل التحديات والصعوبات وفق بناء الرؤية الاستراتيجية والأليات التكتيكية الفعالة، بداية التغيير المصري الجوهري لاستعادة موقعها العربي والإقليمي، ينطلق من مغادرة مصر لدور الوساطة بين الفلسطينيين وإسرائيل، والتحول إلى دور الشقيق الداعم لينال الشعب الفلسطيني كامل حقوقه المشروعة في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، جاءت معركة سيف القدس لتقدم فرصة ذهبية لمصر لتعود إلى مكانتها الطبيعية بالمنطقة من خلال القضية الفلسطينية جوهر الصراع الذي يجب على المصريين الانحياز التام للحق الفلسطيني وعدم القيام بدور الوسيط المحايد، وحتى لا يخسروا فرصتهم باستعادة محورتيهم ودورهم الوطني والقيادي والإقليمي مرة أخرى، فالشعب المصري يري بالكيان الصهيوني عدو تاريخي واستيطاني عنصري يجب إزالته ولا يؤمن بالتطبيع معه رغم اتفاقية كامب ديفيد التي مضى على توقيعها أكثر من أربعين عام،  وكذلك الفلسطينيين ينتظرون من الأشقاء المصريين الدعم بالواجب الوطني والاخوي الذي حتى هذه اللحظة يسير بخطى ثابتة ومتقدمة مقارنة بتجربة حرب 2014م، وعدم الاكتفاء بدور الوسيط المحايد فهذا يضر بسمعة مصر الوطنية ويضعفها ويخرجها من الحسابات والصراعات الإقليمية المشتعلة بين إسرائيل وإيران وتركيا ويفوت الفرصة على العرب أن يكون لهم لاعب وممثل بالإقليم الملتهب بالمصالح وتقسيم النفوذ والثروات العربية دون مقابل أو ثمن، وللموضوعية التاريخية أثبتت تجربة مرحلة الفوضى التي عصفت بالدول العربية إن مصر هي الدولة الوحيدة التي تملك المؤهلات والإمكانات لتكون دولة إقليمية.   
الأيام القليلة القادمة ستجيب بوضوح عن السؤال عنوان المقالة:-
هل عادت مصر لموقعها الإقليمي من بوابة غزة؟

مواضيع ذات صلة /

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

قناديل الحروف

2016