-->
قناديل الحروف قناديل الحروف

الصفحات

الدور المصري في غزة بين الأمن الجامح وشهية المصالح

 

الدور المصري في غزة بين الأمن الجامح وشهية المصالح


الدور المصري في غزة بين الأمن الجامح وشهية المصالح


موقع مصر الجيوسياسي مع قطاع غزة على مدار التاريخ الطويل، ساهم في صناعة الأحداث المشتركة، قد يكون الدور المصري في دعم القضية الفلسطينية اختلف كثيراً وتغير بشكل جذري بعد اتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل 1979، ولكن منذ عودة مصر للجامعة العربية وإقامة السلطة الوطنية الفلسطينية في غزة والضفة الغربية، تطور وتكثف الدور المصري في غزة من بوابة الأمن الاستراتيجي الجامح، أو على مائدة شهية المصالح السياسية والاقتصادية المصرية تجاه فلسطين والكيان الصهيوني، جاء في هذا السياق النجاح الباهر للدبلوماسية المصرية في وقف إطلاق النار بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، بعد أيام من المواجهات العسكرية الدامية تمكنت حماس والمقاومة خلالها من تحقيق نصر تاريخي وإنجاز استراتيجي، يؤسس لمعركة التحرير القادمة بتحرير فلسطين كل فلسطين، إن الدور المصري التقليدي في غزة بعد نشوب الحرب من إسرائيل على الشعب الفلسطيني، هو القيام بدور الوساطة بين الطرفين والعمل على إيقاف العدوان الإسرائيلي، وقد نجح هذا الدور المصري في غزة أثناء عدوان 2008م ومواجهة 2012 وحرب 2014م، ولكن في العدوان الأخير آيار/مايو 2021 "معركة سيف القدس"، اختلف الدور المصري في غزة هذه المرة عن المرات السابقة، من حيث رغبة المصريين في السيطرة وزيادة النفوذ في قطاع غزة، عبر كبح واحتواء الأمن الجامح هناك، وامتداده وتأثيره الطبيعي على أمن مصر الاستراتيجي في البوابة الشمالية شبه جزرة سيناء، ومن ناحية الاستثمار السياسي والاقتصادي للأحداث الملتهبة بين إسرائيل وفصائل المقاومة الفلسطينية بغزة، وقد تعود مصر إلى موقعها الإقليمي من بوابة غزة، وتحصل على الاستثمارات الاقتصادية وشهية المصالح التجارية من إعادة إعمار ما دمره الاحتلال الإسرائيلي بغزة، هذه التغيير في الدور المصري برز قبل العدوان على الفلسطينيين، وسعي المصريين لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى والشيخ جراح وحذروا إسرائيل من خطورة اللعب بالنار، وكثفت مصر الاتصالات والجهود منذ اليوم الأول للعدوان الصهيوني على غزة، برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي طالب بضرورة وقف العدوان وحل الصراع، وأعلن فتح معبر رفح لاستقبال الجرحى الفلسطينيين وعلاجهم بالمشافي المصرية وإرسال المساعدات العينية والطبية، وقد تم مكافأته سريعاً من الإدارة الأميركية على وساطته الفعالة ودوره المحوري لإيقاف الحرب، وحصد الرئيس السيسي ما تمناه طويلاً بنيل رضى إدارة الرئيس الأميركي "جو بايدن"، وترجم هذا الرضا بالاتصال المباشر الأول للرئيس الأمريكي عليه لشكره ودعمه في نجاح جهوده في التوصل إلي تهدئة، وتلا ذلك زيارة وزير الخارجية الأميركية للمنطقة، الذي زار جمهورية مصر العربية وثمن وبارك الدور المصري في غزة، ونجاح الوساطة بين إسرائيل وحماس وشجعها لاستعادة مكانتها الإقليمية، بالمقابل تدرك المقاومة أهمية الدور المصري ونواياه ودوافعه وارتباطه الوثيق بالكيان الصهيوني، وإيمانه المطلق بالسلام وسعيه الدؤوب لعقد هدنة طويلة الأجل بين الفصائل والجانب الإسرائيلي، وتفهم فصائل المقاومة المتغيرات التي حدثت في قوة الردع التي أفرزتها العمليات الميدانية في معركة سيف القدس، والتي حققت من خلالها خطوة على طريق النصر، وأرسلت لكل الوسطاء وبخاصة للمصريين أنه يجب أخذ المتغيرات الجديدة في قوة الردع بعين الاعتبار، عند التفاوض لمناقشة رفع الحصار عن غزة، ووقف الاعتداءات الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني ضمن التسوية السياسية الشاملة ومشروع الهدنة طويلة الأجل. 
  
الأمن الجامح

إن الأمن القومي المصري يبدأ من قطاع غزة وسيناء، التي ضربها الإرهاب واتهمت حماس سابقاً بتغذيته والتستر على الجماعات التكفيرية، مما خلق الكثير من التوترات والخلافات والقطيعة أحياناً، ولكن لم تنقطع العلاقة المخابراتية المصرية بغزة لأسباب إسرائيلية وأمنية واستراتيجية، رغم عداء وتصفية نظام السيسي لتنظيم الاخوان المسلمين في مصر، وحركة حماس في غزة ولدت من رحم هذا التنظيم، إلا إن البراغماتية في التعامل وعلاقة الأمن الجامح وشهية المصالح حكمت الطرفين، للإبقاء على شعرة معاوية في أسوأ الظروف، من زاوية الحفاظ على الأمن والمصالح وغايات وأهداف كل طرف من استدامة العلاقة، وحافظ الطرفين على التواصل المستمر عبر الزيارات والجولات التي تقوم بها قيادات جهاز المخابرات المصرية إلى غزة، لأغراض وأهداف متعددة أهمها الوساطة أثناء الحروب على غزة، وبصدد نزع فتيل التوتر والمواجهات بين إسرائيل وحماس، أو لمحاورة ومناقشة الفصائل بهدف تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس لإنهاء الانقسام الفلسطيني، وبرز الدور المصري بالمواجهة الأخيرة بين إسرائيل وفصائل المقاومة، عبر تحركاتهم المكثفة وجولاتهم التفاوضية المكوكية والتي تكللت في وقف القتال، وتوجت هذه الجهود بزيارة وزير المخابرات اللواء عباس كامل إلى تل أبيب ورام الله وغزة، من أجل تثبيت التهدئة والتفاوض حول صفقة تبادل الأسري والمصالحة الفلسطينية، العلاقة بين مصر وحماس بالماضي القريب انحصرت بالشق الأمني، فهل تغير أو تطور الدور المصري من علاقة الأمن الجامح إلى العلاقة السياسية وشهية المصالح الاقتصادية، يدفعنا إلى هذا التساؤل اللقاء المزمع عقده بين إسماعيل هنية قائد حماس والرئيس عبدالفتاح السيسي في حوار القاهرة الجامع للفصائل الفلسطينية هذا الأسبوع؟، ويعتبر الاجتماع إذا تم عقده تطور نوعي في العلاقة بين مصر وحماس.
 وهل إسرائيل أعطت الضوء الأخضر والضمانات لمصر لإيجاد تسوية سياسية؟، بعد أن كتب الصحفي الإسرائيلي " زيفي بأرئيل " مقالة في موقع هآرتس الاخباري "بأن مصر هي أفضل رهان لإسرائيل لإنهاء الصراع في غزة". فهل نسير نحو تغيير دراماتيكي بالعلاقة بين كل الأطراف، ويتراجع الجانب الأمني لحساب السياسي، ويبرز دور وزارة الخارجية المصرية ويصبح جهة الاتصال والتفاوض مع حماس وفصائل المقاومة بغزة؟

شهية المصالح

يبدو ان نجاح المصريين في إنجاز التهدئة بين إسرائيل وحماس، استحق مكافأة الاستحواذ على ملف إعادة الاعمار بغزة، وما أعلنه السيسي أثناء لقائه الرئيس الفرنسي ماكرون عن مبادرة رصد مبلغ 500 مليون دولار، لإعادة الاعمار ودعم اقتصاد غزة إلا تتويج لجهود المصريين، واعتراف صريح بأن المجتمع الدولي والخليجي أوكل المهمة لمصر ووفر التمويل السخي الذي ستجني منه الفوائد الاقتصادية والتجارية، بعد انتهاء الحرب مباشرة باشرت الشركات والمعدات المصرية بالوصول إلى قطاع غزة والعمل على إزالة آثار العدوان وركام الأبراج والمؤسسات وإصلاح البنية التحتية المدمرة، وقد وضع وزير المخابرات أثناء زيارته لغزة حجر الأساس لمجمع سكني سيتم بناءه من ميزانية المساعدات، فهل سيؤثر ذلك على دور دولة قطر وحجم مشاريعها ومساعداتها المتنوعة والسخية للقطاع، وهل سيتأثر سلباً التجار الغزيين المستوردين عبر معبر أبو سالم التجاري مع إسرائيل، وما هو نصيب حركة حماس من هذه الصفقات المالية الضخمة، العديد من الأسئلة التي سيجيب عليها الواقع الغزي، المنتشي بالنصر والمتحفز لإتمام المصالحة الفلسطينية وعقد صفقة تبادل الأسرى مع الكيان الصهيوني، الكل بانتظار ما ستتمخض عنه حوارات القاهرة بين الفصائل الفلسطينية التي ستبقى عديمة الفائدة دون وضع استراتيجية وطنية فلسطينية عنوانها الوحدة الحقيقية، وعلى الجانب الأخر لن يكون هناك تقدم بكل الملفات إلا بعد عقد صفقة تبادل الأسرى مع الدولة العبرية.

مواضيع ذات صلة /

التعليقات



إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

إتصل بنا

جميع الحقوق محفوظة

قناديل الحروف

2016